التأصيل الإيماني والإسلامي الشرعي لقضية فلسطين (الجزء الأول ) ثم يليه (الجزء الثاني والجزء الثالث )
ماضيها وحاضرها ومستقبلها
متى وكيف بدأت هذه القضية ؟ أحداثها التاريخية ؟ واقعنا الحالي مع هذه القضية؟ مستقبلها المنتظر؟
قضية فلسطين بدأت منذ فجر التاريخ. مرتبطة بعصور الأنبياء عليهم السلام. فهذا سيدنا إبراهيم
عليه السلام أبو الأنبياء سكن فلسطين هو وأولاده، سيدنا إسماعيل الذي هاجر به مع والدته هاجر إلى
أرض الحجاز وهو جد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك سيدنا إسحاق عليه السلام الذي عاش
في فلسطين، وهو أبو سيدنا يعقوب عليه السلام . وفي القرآن الكريم يطلق على سيدنا يعقوب اسم
إسرائيل. وهذا الاسم معناه في اللغة السريانية (إسرا = عبد ،ئيل = الله) أي أن معنى كلمة إسرائيل هو
عبد الله. (ومن خبث الصهاينة اليهود المغتصبين لفلسطين الآن أن سموا كيانهم الخبيث باسم النبي
يعقوب عليه السلام (إسرائيل).وذلك لإعطاء كيانهم المسخ، الصفة الدينية والقدسية والنبوة). وسبق أن
مرت علينا قصة سيدنا يوسف عليه السلام الذي نشأ في فلسطين ثم استقر به المقام بعد ذلك في مصر
وهو ابن يعقوب. ويمكن لمن أراد المزيد من المعلومات الرجوع إلى( سورة يوسف). وهذا سيدنا
موسى عليه السلام وهو ابن عمران بن قاهت بن لاوي وهذا الأخير هو أخ يوسف بن يعقوب. ولقد
عرض القرآن الكريم سيرة سيدنا موسى عليه السلام في كثير من سور القرآن الكريم. وهو الذي أمره
الله أن يفتح الأرض المقدسة ليطهرها من سكانها الوثنيين في تلك الفترة من التاريخ. وهذا سيدنا داوود
الذي قتل جالوت قائد العمالقة الوثنيين في فلسطين، وولده سليمان عليه السلام الذي حكم الجن والإنس.
ثم جاء سيدنا عيسى عليه السلام الذي ولد في بيت لحم في فلسطين. ثم أرسل الله سبحانه وتعالى سيد
البشر, سيدنا محمد. ألذي أسرى ربه به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. ثم جاء عهد الفتوحات
الإسلامية. فهذا سيدنا عمر والقادة العظام من المسلمين يفتحون بلاد الشام وبلاد الرافدين وبلاد فارس
وعروس بلاد الشام هي فلسطين الأرض المباركة. ولكل نبي من أنبياء الله قصة مع فلسطين وقدسيتها.
أما أهمية وقدسية فلسطين في القرآن الكريم. فلقد جاء ذكرها في آي القرآن الحكيم في أكثر من موقع.
قال تعالى"يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين"
المائدة (21) . وقوله تعالى" ونجيناه ولوطاَ إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين " الأنبياء (71)
وقوله تعالى"ولسليمان الريح عاصفةَ تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين"
الأنبياء (81 ) . وقوله تعالى"وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي
باركنا فيها......." الأعراف (137 ). وقوله تعالى "وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى َ
ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين " .سبأ (18) . وقوله تعالى "والتين والزيتون ،
وطور سينين، وهذا البلد الأمين ،......." سورة التين (1ـــ 3). وقوله تعالى" سبحان الذي أسرى بعبده
ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ..." . الإسراء (1 ). وجعل الله سبحانه
أرض فلسطين أرض الإسراء والمعراج، وأرض المحشر والمنشر، وأرض الرباط إلى يوم القيامة.
جغرافية فلسطين. تمثل فلسطين جزءًا من أرض الشام وهي الجزء الأهم لتزينها واختصاصها بالمسجد
الأقصى وهي تشغل البقعة المحصورة بين رأس الناقورة شمالاً وخليج العقبة جنوباً والبحر المتوسط
غرباً ونهر الأردن والبحر الميت شرقا.ً ومساحتها( 27000 كم ) سبعة وعشرون ألفاً كيلومتراً مربعاً.
هذه هي فلسطين وأعيد وأكرر هذه هي فلسطين، وهي جزء من أرض الشام. وبعد اعتداء اليهود على
فلسطين و ما حصل من تقسيم لفلسطين بعد حرب عام (1948 ). فاحتل الصهاينة (في غفلة من قادة
العرب و المسلمين وإقصاء المسلمين المجاهدين عن ساحة المعركة بسبب تحكم القوميين والعمانيين
والخونة بذمام أمور الأمة و لخيانة الحكام العرب في تلك الحرب وغيرها كالمعتاد) احتل هذا العدو
الصهيوني مساحةً واسعةً من فلسطين المقدسة خلال تلك الحرب وما تلاها من اعتداءات متكررة حتى
عام 1967 م. وتقدر هذه المساحة المغتصبة بنسبة 78 %. من فلسطين وبقيت الضفة الغربية في يد
العرب بعد قرار وقف إطلاق النار وضمت إلى الأردن. ومساحتها 6250كم مربع. أما قطاع غزة فتم
ضمه إلى مصر. ومساحته 350 كم مربع. وتمثل الضفة الغربية وقطاع غزة معاً 22% من أرض
فلسطين المقدسة. وبعد حرب عام 1967 م أكملت إسرائيل احتلال باقي فلسطين بالإضافة إلى سيناء
والجولان وجنوب لبنان. وهنا أحب أن أركز على مهزلة تاريخية ، وفرية عربية افتراها قادة العرب وللأسف الشديد أن تصبح حقيقة. وبتغطية من
المؤامرات والمؤتمرات التي تحاك هنا وتعقد هناك وجهل العقول وقسوة القلوب .لاسيما بعد أن طال
عليها الأمد. فهنا السؤال يفرض نفسه ؟.أليست الأرض التي اغتصبت من فلسطين عام ال48 والتي
تمثل الجزء الأعظم من فلسطين المقدسة؟!! هي من فلسطين ؟؟؟ أليس اعتبار الضفة وغزة فقط هي
الأراضي الفلسطينية المحتلة، وباقي فلسطين هي إسرائيل، أليست هذه فرية تاريخية وجغرافية ودينية
وخيانة عظمى !!!!!!؟. من المتعارف عليه عند جميع الأمم إن الذي يفرط ويضيع أمانة الوطن ، يتهم
بالخيانة العظمى، ويقام عليه القصاص في كل الأعراف الدولية والشرعية. فهل وضحت الحقيقة ؟؟
فأن الجلوس مع المغتصب المعتدي الظالم بقصد التنازل عن الحق أو التفريط بجزءٍ منه هو تنازل عن
الواجب وعن القيم الشرعية وإعطاء الظلم مظلة شرعية وإعطاء الظالم حق شرعي أيضاً، كما يحصل
الآن. فهذا الجلوس بتلك الصفة هي خيانة لله لرسوله والمؤمنين وللقضية والحقوق والثوابت. أما إذا
كان الجلوس فيه مصلحة للناس لتكون استراحة مجاهد حتى يعيد الكرّة على عدوه من جديد بعد أن
يكون أعاد تنظيم صفوفه وبهدف ترسيخ الثوابت وتحقيق الواجب الشرعي. كما حدث مع الصحابة في
بداية الدعوة عندما اشتد عليهم الكرب والملاحقة من قريش فكانت الهجرتان إلى الحبشة واللتين أمر
بهما الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكذلك كان صلح الحديبة الذي كان بين الرسول صلى الله عليه
وسلم وقريش. والذي وصفه الله في( سورة الفتح) بالفتح المبين.ولتكملة الصورة حتى تتضح المواقف.
إن التفاوض على العقيدة والثوابت والولاء لا يجوز مهما كان الأمر جلل وصعب حتى ولو كانت
مرحلة استضعاف مهما كان هذا الضعف، فهذا الرسول الكريم في بداية الدعوة يطلب منه عمه أبو
طالب الذي كان الرسول يعيش في كنفه، أن يترك هذه الدعوة وكان الرسول في أضعف مراحل حياته
ولكن عند الثوابت لا تفريط مطلقاً. وقال قولته المشهورة والله يا عماه لو وضعوا الشمس في يميني
والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر لن أتركه حتى يظهره الله أو أهلك دونه. فنزل قوله تعالى
(سورة الكافرون)حتى تكون البراءة من المشركين كاملة.وهنا أحب أن أضيف بعض الملاحظات كان
الرسول قبل أن يبعث بالرسالة يلقب في قومه بالصادق الأمين. ولكن عندما صدع بالحق بدأت
المواجهات بين الحق والباطل فكذبه قومه وعادوه وقاتلوه وآذوه بكل أنواع الأذى ولكن ثبت وصبر ولم
يتراجع مطلقاً عن الثوابت وأخذ بأسباب الثبات فانتصرت الدعوة. هكذا يعلمنا الرسول العظيم( وهو
الأعظم في كل شيء) كيف تكون المواقف الثابتة والحاسمة في الحق وعدم التنازل عن الثوابت
والحقوق ثم يلية الجزء الثاني والثالث حتى يكيمل الموضوع